شوف تشوف

الرأي

كثرة الهم تضحك


زينب موسى 

صحيح أن تدوينة السماح لمواطني جماعة الوطا بالخروج وارتياد المقاهي ليلا في رمضان التي كتبها رئيس مجلس الجماعة المكي الحنودي «بصفته ضابطا للشرطة الإدارية» على حد قوله، هي التي تسببت في اعتقاله بعد أن انتشرت على نطاق واسع بين رواد الفيسبوك، لكنها ليست الخرجة الأولى من نوعها بالنسبة للرجل، وبالنظر إلى سوابقه، يجعلنا هذا نتساءل عن مدى السلامة العقلية لسعادة الرئيس ومدى استيعابه لأهمية المنصب الذي انتخب له.
وخرجات رئيس جماعة لوطا ليست وليدة اليوم، فقبل أن يصرح لسكان جماعته بالخروج وارتياد المقاهي، على عكس قرار حظر التجوال الليلي الذي اتخذته الحكومة لي بينو وبينها المحكمة، سبق له أن أكد أن الاتصالات جارية مع إحدى البلدات الإسرائيلية للعمل على إبرام اتفاقية توأمة مع الجماعة التي يرأسها. وكتب الحنودي قائلا إنه «في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين المغرب وإسرائيل اتصالات جارية للعمل على توأمة جماعة لوطا بإحدى البلدات الإسرائيلية».
وفي بداية انتشار وباء كورونا في ووهان تبرع للصين بفائض ميزانية جماعته الفقيرة لمساعدتها على تخطي الأزمة، قبل أن يتراجع بسبب التعليقات الساخرة ويكتب «صافي مكاين لا صين ولا فلسطين، ديك 6 مليون سنتيم ديال فائض ميزانية جماعة لوطا قررت نزفت بها الموسطاش».
ثم نصح سكان جماعته عبر تدوينة فيسبوكية دائما بعدم تبادل  السبسي بينهم للحد من انتشار الوباء.. إلى غيرها من الخرجات الغريبة وغير المفهومة عبر الفيسبوك، لدرجة أن الكتابة الإقليمية لحزب الاتحاد الاشتراكي بالحسيمة قررت طرده من صفوف الحزب بسبب تدويناته.
قد يبدو الموضوع في بداية الأمر مضحكا أو ممتعا، وقد يتسلى رواد الفيسبوك بمشاركة تدوينة غريبة صادرة عن رئيس جماعة، ويطلقوا حولها النكات وشوية ديال الساركازم، لكن هذا الضحك يخفي خلفه في الحقيقة كثيرا من البكاء، فكثرة الهم هي ما يضحك، ولا أظن أن هناك هما أكبر بالنسبة لأي دولة يحترم مواطنوها أنفسهم أكثر من وجود رئيس جماعة بكل هذه التفاهة، همه الأول والأخير هو كتابة تدوينات غريبة من أجل خلق البوز، ثم التراجع «إلى شاف العين حمارت» بحجة أن المضمون هزلي.
ما كتبه المكي الحنودي يكشف المستوى الحقيقي لمسيري الشأن العام في المغرب، ولا يخصه هو وحده، بل يخص جميع المسيرين والمنتخبين الآخرين الذين لا نعرفهم ولا يملكون أو لا يتقنون استعمال مواقع التواصل الاجتماعي كي يدونوا أفكارهم ونتعرف عليها.
وفي حالته، البكا من مور الميت خسارة، واعتقاله بعد أن أمضى كل هذا الوقت على رأس المجلس الجماعي يدون ما يشاء وقت يشاء دون حسيب أو رقيب لن يصلح الخطأ، ولن يجعل منه في نظر الفيسبوكيين لي بيعوه العجل من اللول إلا بطلا صنديدا أجهزت الدولة والنيابة العامة على حقه في التعبير مستغلة قانون الطوارئ-وهذا رأي الأغلبية حاليا-، لأن أهم شيء بالنسبة لهم هو مستوى المتعة الذي ستقدمه لهم، والحنودي شخص ممتع بمنطق الفيسبوك، لكنه ليس كذلك بمنطق تسيير شؤون البلاد والعباد، لذا وبدل سلك هذه الطرق بعد حدوث المصيبة، من الأفضل استباقها وإقرار قانون يفرض على كل مترشح الخضوع لفحص طبي عقلي ونفسي حتى لا نصبح بلدا يشبه بويا عمر، يرأس حكومته طبيب نفسي، ويسير شؤونه مجموعة من الحمقى مجانين البوز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى